صوت البرق و الرعد و حبات المطر تتراقص…تتقافز…محدثة طقطقة أروع من <الطقطوقة الجبلية>
…تتعانق نقط المطر…ثم تتسلل عبر الحائط الباكي.
تستقر مقلتاي أمين على الجدران الباردة الملطخة بخرائط صاغتها يد الطبيعة… تنزلق نقط المطر من السقف حتى تستقر على رأس أمين المتصدع بالتأمل فيستفيق من تأمله، فتباغته إمرأته بطلباتها التي تنهي….
- عليك بأداء فاتورة الماء و الكهرباء، و إحضار الخضر و السكر و الزيت و اللحم
- حتى آخر إشعار في الشهر
- لا تنسى الدواء و الأحذية للأولاد
- لم يجب …تلغط :
- – اصلح التلفاز فهي مصابة بالعطب و الصداع
- لم يجب…يستطرد:
- أو اشتري تلفاز بالألوان كجيراننا؟
- يرد بصوت خفيض:
- – نحن نعيش يا امرأة على قدرنا
- تقهقه كالقردة بصوت مجهور ساخر..
ينظر لقدميه المتشققتين بسبب قهقهة حذائه الوحيد الذي يطوي به الدروب و الشوارع.
تضحك عندما تراه في حالة انكسار و حصار…تحاصره بصراخها، فيقول مستلطفا:
- خفظي من صوتك…الجيران تسمع؟
تضاعف من صراخها :
- أتخاف الجيران؟
لم يجب…تستطرد:
- الجيران تعرف عنك كل شئ…جرد تقضم الكتب و الجرائد…
و بيتك أقفز من الفيافي و القبور…
غمغم بصوت منخفض :
- كيف؟
- هم سعداء…بيوتهم مؤتتة بأحدث الآثات…تلفازات ملونة….بارابولات….حتى قمامات أزبالهم مليئة بقشور الموز و الفواكه و العظام…
قال بصوت هادئ:
- سبحان من يحي العظام و هي رميم… سبحان من يغني و يفقر
زعقت في وجهه :
- و متى ستحن على هذه الجدران بالصباغة؟
لم يجب…تستطرد :
- لماذا لا تعرف من أين تؤكل الكتف؟
رد بسرعة البرق:
- ليست لي أي أنياب و أضراس
رمته بنظرات ساخرة حقيرة…انحنى على حذائه…و فتح الباب المهترئ…ثم هبط بضع درجات…اقترب من القمامات…تفحص ما بداخلها بيديه و رجليه…قشر الخضر و الفواكه و السردين و زجاجات خمر رخيص فارغة…تراجع أمين الى الوراء كلاعب كرة و هداف محترف…ضرب بقدمه اليمنى القمامات في جنون…حتى تبعثر ما في أحشائها…سمع الأقفال تفتح بقوة…فلاذ أمين بالفرار كطفل سرق دمية طفلة
19/4/1997