هكذا فشلت جنوب إفريقيا في دعم أطروحة البوليساريو خلال “قمة بريكس”

admin27 أغسطس 2023

لا يبدو أن الصيغة التي ورد بها ملف الصحراء المغربية في “إعلان جوهانسبرغ” الثاني، الذي اعتمده قادة بلدان مجموعة “بريكس” خلال اجتماعهم بجوهانسبرغ يوم 23 غشت الجاري، هو ما كانت تنتظره دولة جنوب إفريقيا محتضنة الاجتماع ورئيسها سيريل رامافوزا المعروف بدعمه لأطروحة جبهة البوليساريو الانفصالية.

وجاء ضمن النقطة السادسة عشر من الإعلان، تأكيد قادة “بريكس” على “ضرورة التوصل إلى حل سياسي دائم ومقبول من الطرفين لمسألة الصحراء وفقا لقرارات مجلس الأمن ذات الصلة وتنفيذا لولاية بعثة الأمم المتحدة في الصحراء (مينورسو)”.

ويرى خبراء العلاقات الدولية أن رامافوزا كان يطمح إلى استصدار موقف داعم لجبهة البوليساريو، وهو ما يتبيّن من خلال توجيه دعوة رسمية إلى زعيمها الانفصالي إبراهيم غالي لحضور اجتماع “بريكس 2023” وتم بالفعل، إذ أكدت وسائل إعلام دولية دخول غالي جنوب إفريقيا على متن طائرة تابعة للخطوط الجزائرية.

عبد الفتاح الفاتحي، مدير مركز الصحراء وإفريقيا للدراسات الاستراتيجية، قال إن “جنوب إفريقيا فشلت في تحريف موقف الإجماع الدولي والعالمي من قضية الوحدة الترابية، على الرغم مما عبأته من إمكانيات دبلوماسية على الصعيدين الوطني والدولي”.

وأبرز الفاتحي، ضمن تصريح لهسبريس، أن إعلان جوهانسبرغ “جدد دعمه للوحدة الترابية للبلدان وعدم التدخل في شؤونها الداخلية”، معتبراً أن هذا “الفشل انعكس أيضا في فشل جهود بريتوريا لضمان مقعد داخل البريكس لحليفتها في محور الانفصال الجزائر”.

وأضاف الخبير في العلاقات الدولية أن “جنوب إفريقيا وإن أفلحت انفراديا باستدعاء إبراهيم غالي، إلا أن ذلك لم يكن كافيا لينطلي صوت الانفصال على الدول الأعضاء للمجموعة، حيث دعوا إلى حل لقضية الصحراء المغربية وفقا لقرارات ومعايير مجلس الأمن، الرامية إلى التوصل إلى حل سياسي دائم لهذا النزاع”.

واعتبر الفاتحي أن “مجموعة البريكس تبرأت بذلك من المحاولات اليائسة لجنوب إفريقيا لتوريطها في قضية نزاع إقليمي تفتعله الجزائر وتدعمه بريتوريا تكريسا لما تعتقد أنه أحقيتها في زعامة إفريقيا على المستوى الدولي”.

من جانبه، قال عبد العالي بنلياس، أستاذ القانون العام بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي بالرباط، إن “جنوب إفريقيا أظهرت-عبر محاولتها تقديم بنبطوش كرئيس دولة لها وجودها المادي والقانوني بشكل يخالف الواقع والحقيقة-اصطفافها بجانب الجزائر في استغلال مختلف اللقاءات والمنصات السياسية الدولية لتمرير مغالطاتها إزاء النزاع المفتعل حول قضية الصحراء المغربية وتضليل الدول والرأي العام العالمي حول حقيقة هذا النزاع وأبعاده وخلفياته التاريخية”.

وأبرز بنلياس، ضمن تصريح لهسبريس، أنه “في ظل حقيقة عدم حصول هذا الكيان الوهمي على اعتراف منظمة الأمم المتحدة ولا الأغلبية المطلقة للدول، وفي ظل سحب عدد من الدول اعترافها به ودعمها لمقترح الحكم الذاتي باعتباره حلا واقعيا وجديا ويتسم بالمصداقية، كان طبيعيًا ألّا يجاري قادة البريكس محاولات جنوب افريقيا إقحام هذا التكتل الاقتصادي في إبداء رأيها في النزاعات السياسية ذات الطبيعة الإقليمية”.

وذكّر الخبير في العلاقات الدولية بأن مجلس الأمن يدعو في قراراته إلى إيجاد حل سلمي وعادل ومتفاوض عليه، ويعتبر في الوقت نفسه أن مبادرة الحكم الذاتي تشكل خيارا واقعيا وجديا لوضع حد لهذا النزاع.

لذلك، يضيف بنلياس، تكون جنوب إفريقيا “قد فشلت في تقديم نفسها كدولة قائدة في حل النزاعات الإفريقية، لاسيما بعد اختيارها دعوة دولة وهمية لحضور قمة عالمية برهانات اقتصادية وجيو-سياسية، مبرهنة على عدم توفرها على مقومات الدولة التي تستطيع أن تجمع دول الجنوب والدول الإفريقية لمواجهة تحديات التنمية الاقتصادية والاجتماعية التي تعيشها إفريقيا، وعدم قدرتها على المساهمة في حلحلة الأزمات التي تعرفها القارة”.

وخلص أستاذ القانون العام بكلية العلوم القانونية والاقتصادية والاجتماعية السويسي بالرباط إلى أن “عدم انجرار إعلان جوهانسبرغ نحو أطروحة جنوب إفريقيا واصطفافه إلى جانب الحكمة واستعماله مفردات قرارات مجلس الأمن في الموضوع، دليل واضح على أن دول البريكس تعرف جيدا أن لا حل لهذا النزاع إلا من خلال مقترح الحكم الذاتي الذي يمكنه وحده أن يحافظ على وحدة الدول التي يحميها القانون الدولي”.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة