مكونات الذات البشرية: ( تجاذبات كونية )

Mohamed aithammou20 فبراير 2023
Mohamed aithammou
مدونات الحقيقة

مكونات الذات البشرية: ( تجاذبات كونية )
في عالم الواقع والملموس ، تتجاذبنا المادية و الحركية والعقلانية لدرجة أننا نغفل أو بالأحرى نتناسى الجانب الروحي ، فنسقط في ويلات التصادم والصراع الداخلي ،دون أن ندرك أسبابه و ماهيته ، إذ أن المكون الروحي كما سبق و قلنا أنه هو ذلك المحور الأساس للحياة ، و بدونه لن يكون الوجود له وجود ، من هنا نؤكد أن امتزاج المكون الروحي بالمكونات الاخرى للذات البشرية يلعب دورا مهما في التوازن الذاتي ،فتلتحم الأرواح بروح العقيدة الصافية ،وتسمو إلى مقام الصفاء والنقاء ، فالروح هي ذلك المخلوق اللامرئي الذي يتفنن في صياغة النشاط الحركي للذات البشرية ، و هو الذي يحتوي المكونات الإعتبارية الأخرى ،بحيث أنه هو محرك الجوارح و مقودها نحو الارتقاء الروحي،فيصير للحب المولوي عبق فريد في القلوب ،
و تثوق النفوس إلى العلو صعودا إلى السماء ، و قد تزينت بمصابيح من نور اليقين الروحي ، غير أننا لا نستطيع استيعاب و إدراك خباياه و علومه قال تعالى:
” يسألونك عن الروح قل الروح من أمر ربي و ما اوتيتم من العلم إلا قليلا ” .
في عالم الواقع
و الملموس ، هناك تناقضات ذاتية يعيشها المصابون بأمراض الذات النفسية كالنرجسية والسادية والسلطوية ،وهذه اختلالات سلوكية تفرزها اختلالات روحية ونفسية محضة سببها الاصلي هو ذلك الصراع الداخلي بين المكون الروحي
والدوافع الغرائزية التي ترتبط اصلا بالعقلانية التجريدية المتمحورة في الرغبة الحياتية والغريزة الجنسية،وهنا يقع ذلك اللبس بين السمو الروحي والنزوات الغرائزي، إذ أن الحب الخالص هو الذي تزهو به الملائكة و الروح القدس ،وتحس به الكائنات وكل الخليقة وجودا على القلوب ، لأنه حب لله و في الله وبالله تعالى ،والذي يتأسس حقيقة في عالم الارواح قبل الأبدان ،فالأرواح جنود مجندة ما تعارف منها ائتلف و ما تناكر منها اختلف ، و من هنا يكون أصل الوجد والوجود في العالم الموجود هو المكون الروحي .
في عالم الواقع والملموس تجمعنا مع المخلوقات الأخرى تفاعلات وتداخلات
لا ترى بالعين المجردة ،لكننا نستشعرها يقينا على مسار المنظومة الكونية ، فتتحالف وتتآلف تلك المخلوقات متجاوزة الابعاد الكونية التي تحدها ،أو تتخالف
وتتنافس فيما بينها على امتلاك تلك الابعاد ، رغم انها في هذه الحالة كلها هي الخاسر الأكبر في هذا الاختلاف والتناكر ، إذ أن القوة الحقيقية في التناغم بين الابعاد الكونية هو ذلك المحرك الاعتباري الذي يقود كل المشاعر و الأحاسيس والعواطف و الخيال
وكذلك النزوات نحو الأفضل لا و هو المكون الروحي السليم ، فعندها تتعانق النفوس عهدا لله و بيعة صادقة لله حتى تفوز بتأييد الله لها يوم القيامة .
في عالم الواقع والملموس، لا نتجرد من العلم الروحي ،و لا ما يسمونه باللهوت أو التصوف ، فأهل هذا العلم هم من لهم باع في الفكر الراجح والكلمة الحق والتوجيه الصحيح والإرشاد النفسي والروحي ، هم من لهم عنوان في مسار العلوم و العلماء ، ولهم في الاخلاق سباق
ولهم في التأثير والتاريخ نصيب ،هؤلاء من أوكل لهم ان تسعد الحياة بإذن الله تعالى ، فمنحهم المولى العلم
والحلم ،وبعثهم الله تعالى بعد أنبيائه
ورسله عليهم أزكى الصلاة والسلام كي تستمر الرحلة نحو الكمال في صناعة الحياة دون صفة النبوة
والرسالة، لأنهم فعلا من ادركوا حقيقة المكون الروحي ،ولأن مكونات الروح هي اصل الانسان في استيعاب حقيقة وجوده و عمارته للأرض ، و هي الاصل في انسجام العوالم المتعددة في صياغة حقيقة الحياة، فالروح هي من يرتقي بها الانسان نحو الصفاء الوجداني لأنها نفخة الهية ربانية في الذات البشرية؛
( فإذا نفخت فيه من روحي فقعوا له ساجدين).
والسجود الذي امر به الله تعالى الملائكة لآدم هو سجود التكريم لا سجود العبادة ، و من هنا نستشف أن التكريم المولوي للذات البشرية انطلاقا من النفحة الروحية للمولى عز و جل .
في عالم الواقع
والملموس ، قد نصّعب على أنفسنا الحياة بالتفكير المستمر دون الانصات الجلي للروح و مكونها المحوري ،فتشتد علينا الضغوطات والأزمات ولا نستطيع لها حلا ولافضلا .
فالحياة في حقيقتها بسيطة إذا ما أدركنا ذلك التناغم الروحي مع مكوناتنا الذاتية الأخرى ، و بلغنا مستوى تحقيق السلام الداخلي في الأرواح ، عندها سنتوقف عن التذمر والتفكير السلبي ،ونعيش الحياة بكل تجانس و تفان واطمئنان ، و عندها أيا كان ما سنفعله ،فإننا سنقوم به بكل محبة و فرح و يقين دون الإلتصاق بالدونية
أو العودة إلى ما يكسر الخاطر ويدمي القلوب ، وعندها أيضا سيكون التفاؤل فينا هو مغناطيس السعادة الذي يجذب الأرواح الطيبة ،والوجوه المبتسمة والنفوس الراضية،وإذا ما حافظنا على توهج مكونات الشخصية الإنسانية فينا ، ووجهنا توجهنا الايجابي نحو التغيير الحقيقي للذات البشرية، فإننا ايضا سنجذب كل العوالم المتعددة والأشياء الجميلة ، متجاوزين بذلك كل الأبعاد الكونية، و نحن على يقين تام بأن

المولى تعالى سيعتني بنا ،فمن كان لله كان الله له ، و من كان مع الله كان الله معه ، ومن كان بالله أوجده الله به ، فما الروح إلا بأمر الله تعالى،ونفخته سبحانه نفحة من عطائه .
♧♧♧♧♧♧♧♧

*بقلم :الكوتش الدولي الدكتور محمد طاوسي.

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة