إن الجمال هو ذلك النور الداخلي في الأرواح، و الذي يسعى الباحثون عن السلام أن يستشفوا بريقه بين عثرات الحياة،هذا الجمال الذي جعل للباحثين عن الحياة رغبة كي يسبروا أغوار النفوس
وينقبوا في القلوب بين ثقوب الكد والكبد ، فإنقاد لهم السلام ناشرا جلال البسمة و دلال السرور .
إن الجمال الحقيقي بمثابة حديقة الورود بين ثنايا الروح الطيبة التي تبعث الغبطة والفرح لساقيها وناظرها دون أن يخدش وردة منها أويعبث ببهائها الأخاذ ، فالله تعالى جميل،ويحب أن يرى فينا الجمال كما نحب ، و الله تعالى جليل يحب أن يرى الجلال و الجمال وجودا في حضرته، ويرى فينا الدلال والوقار على محيانا كما يحب ، فقل للجمال وقد تبسم للوجد أهلاً بمن يهدي الجلال بلا حد ،ومرحا بالروح طوافة بيننا فصار فيها الدلال روضاً من وردْ .
إن الباحثين عن الجمال هم من يمنحوننا الحياة بنكهة متنوعة ،و مختلفةً عما يقوم بنشره الآخرون ، و الباحثون عن الجلال هم من يحبون الحياة ويبعثونها في الأرض مع درجة التكامل النفسي والعاطفي الروحي ، هؤلاء هم الأصدقاء الأنقياء والأحبةِ الأوفياءِ ، والمصحوبون الكرماء ، هؤلاء هم ظلّة القلب ،وسعة الروح، وهندمة النفس المتألقة في جمال الوجود، وصفاء الجود ، منهم الأخ والصديق و الجار ومنهم العابرٍ الذي
لانعرفه لكنه يحملُ معاني الحب والكرامة في قلبه و ينثر مكنون الإنسانية في كل حين ، هؤلاء من يجعلوننا نؤمن أن النظرة للحياة ،لابد أن تكون ميزة وجدانية يلفها التناغم مع الإخلاص ،والتراحم مع النية الصادقة التي هي سر الله بين العباد ، و هي الدليل على ذلك الجمال الرباني و على ذلك الفتح النوراني الذي
لا يعلمه لا ملك، ولا شيطان ، فهو سر الله المكنون في خزائنه سبحانه وتعالى .
إن الشعور بالاكتمال والتكامل هو عندما نستشعر ذلك الجمال فينا ، فنجعله برنامج الحياة الطيبة ، ونعمل على نشره بين الناس حتى يروا روح الجلال تسري بينهم ،فيعم الخير والسلام بينهم ، إذ أن الجمال هو انعكاس لما نراه و نعمله و نحب أن نلقاه من الآخرين ،فإن أردنا الجمال فعلينا أن نمنح جمال و جلال الحياة ،فالجمال أخذ و عطاء ، وإن أردنا الدلال فلنكن صادقين في نظرتنا ، و إن أردنا الحسن علينا أن نبعث الإحسان فعلا، لأن كل ما نمنحه يعود إلينا دائمًا .
إن الجمال هو أن نتقبل الحياة بقلوب مطمئنة و نفوس راضية و أرواح جليلة لا يخدلها الفشل، ولا تحطمها خسارة ،ولنكن على يقين أن لنا في كل خطوة، وكل يوم مكاسب، و تجارب نتعلمها ،و نتعلم منها ،فتغير نظرتنا للوجود ، و تنضج بها آمالنا و أحلامِنا فيها ،ثم تتبلور تلك الأحلام أعمال جميلة جليلة تنبض باليقين والواقعية دون زيغ
أو خذلان .
إن الجمال هو ذلك النور المشرق
في دواخلنا و الذي نسعى من خلاله أن نكسر قاعدة النحس التي قد تعترضنا على مر الطريق ، فهى ذلك الإحساس الرائع في مرمى القلوب و تلك الشرارة المتقدة في السريرة ، فمن حسنت سرائره أصلح الله ظواهره ، وهو أيضآ ذلك الإنبعاث الوجداني الذي لا يجب أن نحيد عن مساره او نلتفت عنه ،فإذا لم نستطع رؤية الجمال المشرق من الوجود ، فلنعمل على تلميع نظارات الرؤية المستقبلية فوق أعيننا و نزيل العتمة عنها كي نرى حقيقة ذلك الجمال والجلال و الدلال .
◇◇◇◇◇◇.
*بقلم:
الكوتش الدولي الدكتور محمد طاوسي.