فلسفة الحب 

Mohamed aithammou12 فبراير 2023
Mohamed aithammou
ثقافة وفنون

 

فلسفة الحب 

 الحب ، الهوى ، العشق ، الغرام ، الهيام ، التيم و التيام ، الصبابة و الصب ، كلمات ترددها ألسنتنا و تلهج بها القلوب و تتماهى معها الأرواح ، هي ادوات سحرية لا تقاس لمقياس الواقعية ، و حينما نريد فهمها و عقلنتها و عقالها بمنطق العقل تزداد غرابة فينا و تزيدنا دهشة و تموت فينا الحياة ، فهي لا تخضع لمنطق و لا لعقلانية ، و هذا يوجب فينا التفاعل معها دون معرفة ماهيتها و لا هذا من ذاك .

إن الحب عند الفلاسفة القدماء و عند العلماء و العارفين هو قوة لا يمكن إدراكها ، تدخل الإنسان جبرا في عالم التماهي و نكران الذات و الانصهار مع شخص آخر، فهي تُبدّل شخصيته و تظهرها على حقيقتها، و من ثمّ تُظهِر الأنا المختفية في الأعماق ، حيث إنّ ما يخفيه الإنسان من مشاعر عادة ما يظهره الحب ، و هذا الحب هو إحساس جميل و رائع يرتبط بالعاطفة التي مكمنها القلب المفتوح ، فهو ليس كلمات تقال و إنما هو تفاعل وجداني بين طرفين اثنين يتبادلان المشاعر المقدسة طواعية دون تكلف او تصنع ، 

 و قد خرج أرسطو بنظرية تفيد أن الحب هو علاقة تعبر عن شخصين بروح واحدة حينما قال : ” ان الحب هو ذلك الشيء لا مُتناهي” ، فالحب الذي ينتهي لا يكون حقيقيا كما قال ” إن الحب أسطورة من الأساطير التي تعجز البشرية عن إدراك ماهيتها ، و لا يعبّر عنها إلّا من صدقها في معناها” ، ومن وجهة نظره فالحب قوة لا يمكن إدراكها أو شرحها، و هي حالة تُدخل الإنسان في عوالم أخرى . 

 إنّ ما يخفيه الإنسان من مشاعر عادةً ما يظهر حين يحبّ، فيتخلى عن حُبّ السيطرة و التملك و الأنانية و يطلق العنان لمشاعره و وجدانه ، و لهذا ففلسفة سقراط أنه يرى بأن الحب الذي ينتهي ليس حبا ، و قد أعطي للحب رفعة و مكانة المقدسة ، فقال :” إن الحب شوق النفس إلى الجمال الإلهي الذي لا ينضب و لا ينتهي” ، فالحب كالماء العذب الزلال لا لون له ولا شكل له، لكن له طعم رائع يروي عطاش القلوب و يشفي عليل الارواح ، و كل يراه بمذاق مختلف ، هو كالشجرة المثمرة ان بذلت لها العناية و الاهتمام أثمرت و اعطت ، و هو كالبحر العميق المليئ بالاسرار و الكنوز كلما سبحت فيه بعيدا ، او غصت فيه عميقا كلما أدركت مكنونه و خزائنه ، و كلما عانيت فيه و مررت فيه باهوال كلما ازدادت رغبتك في التمسك به كي تعود لشاطئ الامان أو قد لا تعود بل تصل به إلى الضفة اللامتناهي فيه لدرجة الجذب و الجنون .

و قد يختلط الأمر بين الرغبة و الحب ، فهو ليس وليد اللحظة ،و يذهب لدرجة عدم القدرة على التحكم فيه ، فالحب مشاعر تنمو و تتغير ،و تتطور و تتجدد ، و يستدعي دائما الميول لشي نحبه ، انسانا كان او مادة او ايا كان ، فهو لا يستقيم على حال ، فقد يتحول بفعل المحبوب الى جنون و إلى عدم التحكم في التصرفات ، او إلى الركون إلى منطقة الأمان خوفا من التحولات غير المتوقعة ، كما تتدخل فيه الحيثيات النفسية و الاجتماعية و المادية ، و قد يصبح متذبذبا أو مدمنا عليه .

إن فلسفة ‏الحب هي هكذا ، قلوب نحبها ، و شعور لا نفهمه ، و ارواح تسحق أشياء كثيرة منا و فينا ، و تفاعل لا ندري لماذا كان علينا عيشها ، و كلمات ننتظرها ولا تأتي ، فهو شعور خارج عن الواقعية في كل شيء ، و يتخطى المستحيل ، لدرجة أنه يذهب المحبون و تبقى مشاعرهم مؤرخة في كلمات أو اشعار أو روايات ، و الحب هو ذلك الحافز الشعوري الوجداني الذي يحثك على البدء و القوة هي التي تجعلك تستمر في صناعة الحياة ، و هو الإلهام الموجود في دواخلنا ولكن علينا أن تنساب إليه ارواحنا كي يجدنا و نحن في منتهى التماهي ، و حقيقة الحب في الحياة هي أنه لم يفت الأوان بعد أن نحب و نكون على قيد الحب من جديد .

 

الكوتش الدولي الدكتور محمد طاوسي

اترك تعليق

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *


شروط التعليق :

عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

الاخبار العاجلة