تمام الإدراك
**************.
إن من تمام نعم الله تعالى على عبده أن يخلق سبحانه وينسب إلى عبده،فلا يحسبن أحد أن نفسه هي التي تأخذه إلى فعل الخيرات بل هو الله سبحانه من ألهم تلك القلوب لفعل تلك الخيرات لحبه لتلك القلوب، فالله تعالى هو من يصنع العبد
ويصنع ما يفعل ذلك العبد قال تعالى لموسى عليه السلام:
” واصطنعتك لنفسي ”
فصناعة الله هي أبدع صناعة وأجلها.
وإن من تمام العبر التي يجب أن يفهمها العبد عن مولاه أنه يمكن تغيير المستقبل إذا تمكن من تغيير ما بنفسه من عادات جارفة و ذهنية رعوية ومن أنانية مستعلية
على العباد و البلاد،عندها بالتأكيد سيتغير الوضع ويتغير الحال،فما يملكه العبد هو غيض من فيض في آلاء الله ونعمه سبحانه ،وما لا يملكه العبد،فهو من حكمة الله،وفضله والأصل أن العبد يغير حاله بتغيير ما فيه من حال إلى أحسنه.
وإن من أفضل الدروس التي يمكن أن يتعلمها العبد في الحياة هي إتقان المحافظة على هدوء النفس ،والحرص على اطمئنان القلب ،والقدرة على رفعة الروح ،فما الحكمة
والرحمة إلا من الانجماع التام على الذات باحتضانها والتفاؤل بها، فما الهموم كلها إلا كالغيوم ما تراكمت
إلا أمطر ،والذوات كالحقول ما تعطشت
إلا ارتوت ،ولايبدأ العبد يومه بالتفكير بما يُقلق ،إنما يبدأه بالتفكير بما يُسعد القلب والروح،فالملك كُله لله،وليس لأحد سواه:
” قل إن صلاتي
ونسكي ومحياي
ومماتي لله رب العالمين”
و إن من تمام الشكر هو تمام الحمد لله،ليس لأن كل شيء في أروع صورة بل لأن الحمد و الشكر مفتاح الاستزادة والاستفادة،فليختر العبد أن يركز على اللحظات الرائعة كي يكون في تمام النعمة ، فالله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده.
و من تمام حنكة
وذكاء العبد أن لا يترك الفرص تضيع ،وأن يدرك أن تلك الفرصة تأتي بكل هدوء وتطرق أبواب القلوب بكل طواعية،فمن استقبلها بكل قوة لانت له وانصاعت
وليعلم أن كل ما فاته ليس في كتابه و لا من نصيبه ،وأن يعي أن الشيء الجميل الذي يمكن أن يكون هو ذلك الشئ الذي يجعله مميزا و مهما
وأن أهميته أن يكون إنسانا بسيطا لطيفا:
” و لو كنت فظا غليظ القلب لانفضوا من حولك” .
و إن من تمام قوة العبد أن لا يؤمن بكلمة مستحيل في قاموس الحياة ،فالمستحيل
مااستحال وقوعه
وتطبيقه على الواقع،وأن يؤمن أن الشجاعة مهارة
وجرأة ، فهي لا تصدح دائمًا إنما تكون في بعض الأحيان خافتة الصوت هادئة ،وأن القوة ضد العنف
وصديقة الرفق الذي يقول في نهاية اليوم :
” اجعلني منارك ومصباحك،فإني أينما وجدت في شئ إلا وزنته
وزينته و ما نزعت من شئ إلا شنته ، و مهما صمتت إلا حاولت مرات أخرى .”
و من تمام حسن أدب العبد أن يكون واثقا مطمئنا بقضاء الله
وقدره ، وأن لا أحد يستطيع أن يغلق بابا قد فتحه الله لعبده
وأن الله سبحانه
و تعالى ما خلق العبد إلاليسعده،ومهما كانت الصعاب أشد كان الفوز اسعد،وقد يصح ما تنبأ به المتشائمون مدة من الزمن ،لكن المتفائلين من يستمتعون برحلة الحياة إلى مقام الخلد
في جنات النعيم.
♧♧♧♧♧♧♧.
* بقلم :
الكوتش الدولي الدكتور محمد طاوسي.