بشار بن برد يعتبر ممن ينحني لهم القمر كشاعر وكاتب وخطيب فارسي أعمى ( 714 -البصرة 784).
كان يعتز مفتخرا ببلده إيران وثقافتها وامجادها، عاش أواخر الأموين وبداية العباسيين، كان أبو أسير العرب وبعدما طلع من الأسر بقي من الموالي، وقد اعتبر من المجددين حيث استعمل القديم والجديد إذ استخدم البديع، وقد منعه الخليفة المهدي العباسي من الغزل الفاحش ،فهجاه فقبض عليه وأنهم بالزندقة،وعلى هذا جلده حتى الموت ورمى جتثه بنهر دجلة، ولكن لي بعض التساؤلات هل حقا كان متمكنا من العربية كشاعر أم لأنه اشتهر بناء على أنه ليس عربيا هنا نبدأ كلامنا
العربية لسان يصعب تقويمه بعجمي لأنه لا يمكن لغير العربي أن يدرك سرها إلا إذا رضع من ثديها، وذلك لايكون إلا لعربي أصيل، لهذا نجد بعض الشعراء غير عرب مشهورين ،وقد رفرفت شهرتهم الآفاق غير انك لو تأملت لوجدت الخلل في كلامهم، ومثل هذا الشاعر بشار بن برد يعتبر ممن ينحني لهم القمر كشاعر لكن إذا تأملت مثلا قوله:
إذا كنت في كل الأمور معاتبا
صديقك لم تلق الذي لا تعابه
فإذا هنا تفيد جزم المعنى، ولا تحزم في اللفظ، عكس إن التي تفيد الشك وتجزم الفعل، والفرق بين (إذا) و(إذ)، فالأولى للمستقبل، والثانية لما مضى، وبه يتبيّن الفرق بين قول الله تعالى عن الليل: (وَاللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ)، وقوله في الصبح :
(إِذَا أَسْفَرَ)، وفي هذا تشوير إلى معنى كل من معنى إذا وإذ،وجاء في سورة البقرة
“وَإِن كُنتُمْ فِي رَيْبٍ مِّمَّا نَزَّلْنَا عَلَىٰ عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِّن مِّثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُم مِّن دُونِ اللَّهِ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ” ﴿٢٣ البقرة﴾
وعليه نعود إلى قول بشار فإنه بدلا من أن يقول..
إذا كنت في كل الأمور معاتبا.
كان عليه أن يقول إن كنت في كل الأمور معاتبا، لأن المعنى يشير إلى أنك قد تكون معاتبا وقد لا تكون، أما إذا فهي تلزم العتاب، وهذا غير صحيح لغة، ولا بيانا،وإن كان صحيحا في النحو
وكذلك قوله فيالعجز.
لم تلق الذي لا تعابه.
واصل الكلام هنا هو. لن تلقى الذي لا تعاتبه، أي لن بدل،لأن لم تدخل على الفعل فتفيد نفيه في الماضي ولما إذا دخلت على الماضي تعرب ظرف زمان، وإذا دخلت على المضارع تفيد نفي الحاضر، أما لن فهي تدخل على الفعل المضارع ،وتفيد نفيه في المستقبل.
يتبع
…
- بقلم الناقد والشاعر حميد بركي / قلعة السراغنة.