مع بداية كل موسم دراسي، تتجدد المشاكل الإدارية التي يواجهها أساتذة اللغة الأمازيغية بالمؤسسات التعليمية الابتدائية عبر ربوع التراب الوطني، ما يعيد “هشاشة” وضع الأمازيغية في الإستراتيجيات التربوية إلى الواجهة.
وحسب المعطيات المتوفرة لجريدة هسبريس الإلكترونية فقد اشتكى عشرات مدرّسي اللغة الأمازيغية من تكليفهم بتدريس مواد أخرى، إلى جانب عدم احترام الغلاف الزمني الأسبوعي المحدد لهذه المادة في المدارس.
كما انتقد أساتذة المادة، كذلك، قلة الكتب المدرسية المخصصة لمادة الأمازيغية، وهو ما اعتبرته الجمعيات المهتمّة بالموضوع “تعطيلاً للدستور المغربي الذي نصّ الطابع الرسمي للغة الأمازيغية”.
وانتقدت جمعيات مدرسي اللغة الأمازيغية والجمعيات الأمازيغية، في وقت سابق، مضامين بلاغ وزارة التربية الوطنية المؤرخ في السادس من شتنبر المنصرم، بخصوص تعزيز القراءة باللغتين العربية والفرنسية، دون الإشارة إلى اللغة الأمازيغية.
واعتبرت الفعاليات الأمازيغية ما جاء في البلاغ الحكومي مناقضا لكل الالتزامات التي قطعتها الحكومة أمام المواطنين في ما يتعلق بتفعيل قرارات الدولة في شأن الأمازيغية، مطالبة وزارة التربية الوطنية بإصدار بلاغ آخر يشمل اللغة الأمازيغية الرسمية ضمن الأنشطة الثلاثة في التعليم الابتدائي.
وفي هذا الصدد قال رجب ماشيشي، باحث في اللغة والثقافة الأمازيغيتين، إن “أغلب أساتذة اللغة الأمازيغية يواجهون عدة معضلات إدارية خلال العمل، رغم الاعتراف الدستوري بالهوية والثقافة الأمازيغيتين، ما مرده إلى غياب الإرادة السياسية في تنزيل ورش تدريس اللغة الأمازيغية بالمؤسسات التعليمية”، مبرزاً أن “اللغة الأمازيغية لن تستعيد مكانتها بالمؤسسات العمومية سوى بقرار سياسي”.
وأضاف ماشيشي، في تصريح لجريدة هسبريس الإلكترونية، أن “غياب الإرادة السياسية الحقيقية للحكومات المتعاقبة ساهم في عرقلة ورش تعميم اللغة الأمازيغية في التعليم الابتدائي، بما يشمل الحكومة الحالية التي كان رئيسها يدعي أنه سينشئ صندوقاً خاصا باللغة الأمازيغية لتسريع إدماجها في مناحي الحياة العامة، لكنه لم يف بوعوده السياسية السابقة”.
وواصل المتحدث بأن “ورش تعميم اللغة الأمازيغية بالمدارس العمومية بدأ منذ سنوات بعد خطاب أجدير، وتواصل بعد الاعتراف الدستوري باللغة الأمازيغية، لكن اعترته عدة معضلات تربوية”، مشيرا إلى “الجهود الكبيرة التي بذلها المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية في إعداد العدة الديداكتيكية واللسانية والثقافية المرتبطة بالأمازيغية، ما أدى إلى تعزيز الزخم الأكاديمي للباحثين بخصوص اللغة والهوية الأمازيغيتين”.
وزاد الباحث عينه شارحاً: “كانت ذرائع بالأمس القريب حول الخصاص اللوجستيكي والبشري لتعطيل ورش تدريس الأمازيغية بالمغرب، لكن ثبت العكس بعد نجاح أوراش الإعلام والترجمة والجامعة والمجتمع المدني والفنون والثقافة، وغيرها من الميادين العلمية”، مردفاً بأن “معاناة مدرسي اللغة الأمازيغية في المنظومة التعليمية تعكس هشاشة الإستراتيجية التربوية المعتمدة من طرف صانع القرار العمومي”.
وتابع ماشيشي بأن “سؤال تدريس اللغة الأمازيغية بالمدارس يرتبط أساسا بواقع تنزيلها في جميع مناحي الحياة العامة، ما يتطلب ضرورة تفعيل المخطط الحكومي المندمج لتنزيل الطابع الرسمي للأمازيغية بهدف تفادي العراقيل الإدارية التي تواجه المشتغلين في الحقل الأمازيغي بكل الميادين العلمية والتعليمية والأكاديمية والثقافية”