فتحت الحكومة المغربية ورش إصلاح التقاعد، الذي طالما كان موضع نقاش محتدم ومحل خلاف بين الحكومات السابقة والنقابات، لما يحمله من تغييرات تمس اليد العاملة بطريقة مباشرة.
وبعد توقف دام ما يناهز تسع سنوات، عقدت لجنة إصلاح أنظمة التقاعد، التي تضم الحكومة والنقابات واتحاد أرباب العمل، أول اجتماع لها الأربعاء، انتهى بالاتفاق على تحديد أجل ستة أشهر للوصول إلى حلول لمواجهة أزمة صناديق التقاعد.
وأعلنت وزيرة الاقتصاد والمالية، نادية فتاح علوي، عن الشروع في تشخيص وضعية نظام التقاعد بالمغرب، في أفق الوصول إلى وضع مبادئ للإصلاح وأجندته.
وقالت المسؤولة الحكومية في تصريح صحفي، على هامش اجتماع للجنة المكلفة بإصلاح التقاعد، إنه ستُعقد اجتماعات من أجل تقاسم التشخيص حول وضعية صناديق التقاعد في المغرب.
وأكدت أن دراسات كانت أُنجزت من قبل حكومات سابقة سيتم تقاسم نتائجها مع النقابات والاتحاد العام لمقاولات المغرب.
الإرهاصات الأولى لعجز صناديق التقاعد ظهرت منذ أكثر من عقد من الزمن، ثم تفاقمت لتتحول إلى أزمة في سنة 2015، حيث سجل نظام المعاشات المدنية أول عجز له، دفع الحكومة آنذاك، إلى رفع سن الإحالة على التقاعد إلى 63 سنة.
أما نفاد احتياطات الصندوق، فمتوقع عام 2028، في حين ينتظر النظام الجماعي لمنح رواتب التقاعد تسجيل أول عجز العام المقبل ونفاد احتياطاته عام 2044. كما تفيد التوقعات بأن الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، سيسجل أول عجز إجمالي عام 2027، مع نفاد احتياطاته في 2040.
تحديات صعبة
المحلل الاقتصادي بدر الزاهر الأزرق، اعتبر أن ورش إصلاح صناديق التقاعد “يعد من الأوراش الكبرى التي انخرطت فيها المملكة المغربية خلال السنوات القليلة الماضية إلى جانب أوراش أخرى، كإصلاح المنظومة الاجتماعية والصحية والتعليمية، وهو الأمر الذي يطرح مجموعة من التساؤلات حول قدرة الحكومة على إنجاح كل هذه الأوراش خاصة في شقها التقني والمالي، في ظل الأزمة الراهنة التي يجتازها الاقتصاد المغربي ومحدودية قدرة التعبئة المالية للفاعل العمومي”.
وأكد الخبير، في حديث مع “سكاي نيوز عربية”، أنه “على الرغم من كل الرسائل الإيجابية التي بثها مختلف الفاعلين الحكومين بخصوص تنزيل هذه الأوراش، إلا أن الشكوك تحوم بقوة حول قدرة الحكومة على مواجهة تحديات ورش إصلاح منظومة التقاعد في ظل تآكل الاحتياطيات المالية لمعظم الصناديق التي أضحت مهددة بالإفلاس متم العقد الجاري”.
وتابع أن “مجموعة من المؤشرات تؤكد أن الرهان سيكون صعبا، في ظل توقع الارتفاع السريع لنسبة الشيخوخة وطول أمد الحياة وتراجع وتيرة التوظيف وخلق مناصب الشغل مما يؤدي إلى تراجع عدد المساهمين في الصناديق مقابل المستفيدين”.
وحسب المتحدث، فمن أجل كسب المزيد من الوقت، “تم اتخاذ مجموعة من الإجراءات في مقدمتها، الرفع من سن التقاعد وفتح باب الانخراط في منظومة التقاعد في وجه عدد كبير من العاملين غير الأجراء، وهو الأمر الذي قد يعطي جرعة حياة مؤقتة لهذه الصناديق ولكن لن يسهم بأي شكل من الأشكال في تجنيبها مصيرها المحتوم، إن لم يتم الإسراع بإعادة هيكلة شاملة لمنظومة التقاعد والتفكير في حلول مالية مستدامة غير مرتهنة لقاعدة المساهمين والمستفيدين”.